الأحد، 10 مارس 2019

وثيقة // القنوجي البخاري ⬅💥 [بيان حكم من حارب عليا رضي الله عنه]



الروضة الندية (ومعها: التعليقاتُ الرَّضية على «الرَّوضة النّديَّة»)

المؤلف: أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي (المتوفى: 1307هـ)

التعليقات بقلم: العلامة المحدِّث الشيخ محمَّد نَاصِر الدّين الألبَاني

ضبط نصَّه، وحقَّقه، وَقَام على نشره: علي بن حسَن بن علي بن عَبد الحميد الحَلبيُّ الأثريّ
الناشر: دَارُ ابن القيِّم للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية، دَار ابن عفَّان للنشر والتوزيع، القاهرة - جمهورية مصر العربية
الطبعة: الأولى، 1423 هـ - 2003 م
عدد الأجزاء: 1


  [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
-------------------------------

( [بيان حكم من حارب عليا رضي الله عنه] :)

أقول: وأما الكلام فيمن حارب عليا - كرم الله وجهه -؛ فلا شك ولا

ج 3 ص 501.
-------------------------------------------------------
شبهة أن الحق بيده في جميع مواطنه.

أما طلحة والزبير ومن معهم؛ فلأنهم قد كانوا بايعوه، فنكثوا بيعته بغيا عليه، وخرجوا في جيوش من المسلمين، فوجب عليه قتالهم.

وأما قتاله للخوارج؛ فلا ريب في ذلك، والأحاديث المتواترة قد دلت على أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

وأما أهل صفين؛ فبغيهم ظاهر؛ لو لم يكن في ذلك إلا قوله صلى الله عليه وسلم لعمار: " تقتلك الفئة الباغية "؛ لكان ذلك مفيدا للمطلوب.
ثم ليس معاوية ممن يصلح لمعارضة علي، ولكنه أراد طلب الرياسة والدنيا بين قوم أغتام (1) ؛ لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، فخادعهم بأنه طلب بدم عثمان، فنفق ذلك عليهم، وبذلوا بين يديه دماءهم وأموالهم، ونصحوا له؛ حتى كان يقول علي لأهل العراق أنه يود أن يصرف العشرة منهم بواحد من أهل الشام صرف الدراهم بالدينار.
وليس العجب من مثل عوام الشام؛ إنما العجب ممن له بصيرة ودين كبعض الصحابة المائلين إليه، بعض فضلاء التابعين، فليت شعري؛ أي أمر اشتبه عليهم في ذلك الأمر؛ حتى نصروا المبطلين وخذلوا المحقين؛ وقد سمعوا قول الله - تعالى -: {فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} ، وسمعوا الأحاديث المتواترة في تحريم عصيان

ج 3 ص 502.


--------------------------------------------------------------

الأئمة ما لم يروا كفرا بواحا، وسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمار أنه: " تقتله الفئة الباغية "؟ {

ولولا عظيم قدر الصحابة، ورفيع فضل خير القرون؛ لقلت: حب الشرف والمال قد فتن سلف هذه الأمة كما فتن خلفها} اللهم غفرا (1) {}

ثم اعلم أنه قد جاء القرآن والسنة بتسمية من قاتل المحقين باغيا كما في الآية المتقدمة، وحديث عمار بن ياسر المتقدم، فالباغي مؤمن يخرج عن طاعة الإمام التي أوجبها الله - تعالى - على عباده، ويقدح عليه في القيام بمصالح المسلمين، ودفع مفاسدهم من غير بصيرة، ولا على وجه المناصحة، فإن انضم إلى ذلك المحاربة له والقيام في وجهه؛ فقد تم البغي، وبلغ إلى غايته، وصار كل فرد من أفراد المسلمين مطالبا بمقاتلته؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {فإن بغت إحداهما} الآية.

وليس القعود عن نصرة الحق من الورع؛ بعد قول الله - عز وجل -: {فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي} .
والحاصل: أنه إذا تبين الباغي ولم يلتبس، ولا دخل في الصلح؛ كان


ج 3 ص 503.
-------------------------------------------------------------
      

القعود عن مقاتلته خلاف ما أمر الله به، وأما مع اللبس؛ فلا وجوب حتى يتبين المحق من المبطل؛ لكن يجب السعي في الصلح كما أمر الله به.

وليس من البغي إظهار كون الإمام سلك في اجتهاده في مسألة أو مسائل طريق مخالفة لما يقتضيه الدليل؛ فإنه ما زال المجتهدون هكذا، ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام أن يناصحه، ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد؛ بل كما ورد في الحديث: أنه يأخذ بيده، ويخلو به ويبذل له النصيحة (1) ، ولا يذل سلطان الله.

ولا يجوز الخروج على الأئمة - وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ -؛ ما أقاموا الصلاة (2) ، ولم يظهر منهم الكفر البواح، والأحاديث الواردة بهذا المعنى متواترة، ولكن على المأموم أن يطيع الإمام في طاعة الله، ويعصيه في معصية الله؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وقد ابتلي علي - رضي الله عنه - بقتال البغاة على اختلاف أنواعهم، وإذا كانت الإمامة الإسلامية مختصة بواحد، والأمور راجعة إليه مربوطة به كما كان في أيام الصحابة والتابعين وتابعيهم -؛ فحكم الشرع في الثاني الذي جاء بعد ثبوت ولاية الأول؛ أن يقتل إذا لم يتب عن المنازعة.


ج 3 ص 504.

------------------------------------------------------
مصدر ثاني:




                          
                          








..........