أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 23 مارس 2019

وثيقة // حديث صحيح: معاوية ينال من أمير المؤمنين (عليه السلام)

(حديث صحيح: معاوية ينال من أمير المؤمنين (عليه السلام


برواية ابن ماجة، وتصحيح الشيخ الألباني، معاوية بن أبي سفيان ينال من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
 (عليه السلام)

لماذا يمنعون انتقاد الصحابة وفي نفس الوقت يدافعون عن معاوية الذي كان يسب علياً (عليه السلام) !!؟

لماذا يحكمون بفسق أو كفر ساب الصحابة ولا يفعلون ذلك مع ابن هند، أليس هذا من الكيل بمكيالين وإعمال الهوى في إصدار الأحكام؟!
جاء في (صحيح سنن ابن ماجة، ج1، ص 58، رقم الحديث 120، 
(الناشر: مكتبة المعارف - الرياض
(حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو معاوية حدثنا موسى بن مسلم عن ابن سابط وهو عبد الرحمن عن سعد بن أبي وقاص قال: قدم معاوية في بعض حجّاته فدخل عليه سعد فذكروا علياً فنال منه فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلي مولاه وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وسمعته يقول: لأعطين الراية اليوم رجلاً 
يحب الله ورسوله.
صحيح، الصحيحة 4 / .335







...........

الثلاثاء، 19 مارس 2019

فتوى البخاري في رضاع البهائم وثبوت الحرمة النسبية به! كلنا أخوة من الرضاع إلا....الله المستجار هل كان الإمام البخاري ـ صاحب صحيح البخاري وكتاب الأدب المفرد ـ يريد أن يجعل كل الناس أخوة كي تنتهي مشكلة حرمة الاختلاط ؟


المبسوط

المؤلف: محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي (المتوفى: 483هـ)

الناشر: دار المعرفة - بيروت

الطبعة: بدون طبعة

تاريخ النشر: 1414هـ - 1993م

عدد الأجزاء: 30


  [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
---------------------------------
شَخْصًا صَغِيرًا فَهُوَ رَضَاعٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ حُصُولُ شُبْهَةِ الْجُزْئِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَاَلَّذِي نَزَلَ لَهَا مِنْ اللَّبَنِ جُزْءٌ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَلَبَنُهَا يُغَذِّي الرَّضِيعَ فَتَثْبُتُ بِهِ شُبْهَةُ الْجُزْئِيَّةِ.



(قَالَ:) وَإِذَا حُلِبَ اللَّبَنُ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ مَاتَتْ فَشَرِبَهُ صَبِيٌّ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ لِحُصُولِ الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحُرْمَةِ بِهَذَا اللَّبَنِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِفِعْلِهَا فِي الْإِرْضَاعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَائِمَةً فَارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا الصَّبِيُّ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَكَذَلِكَ الْإِيجَارُ لَوْ حَصَلَ فِي حَيَاتِهَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا.




(قَالَ:) وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَبَ اللَّبَنَ مِنْ ثَدْيِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَوْجَرَ الصَّبِيَّ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَثْبُتُ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّبَنَ لَا يَمُوتُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُحْلَبُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ مِنْ الْحَيَوَانِ فَيَكُونُ طَاهِرًا وَمَا فِيهِ الْحَيَاةُ إذَا بَانَ مِنْ الْحَيِّ يَكُونُ مَيِّتًا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّبَنِ حَيَاةٌ لَا يَتَنَجَّسُ بِالْمَوْتِ بَلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْقَى طَاهِرًا وَعِنْدَهُمَا يَتَنَجَّسُ بِنَجَاسَةِ الْوِعَاءِ كَمَا فِي إنْفَحَةِ الْمَيْتَةِ، فَكَأَنَّهُ حَلَبَ لَبَنَ امْرَأَةٍ فِي قَارُورَةٍ نَجِسَةٍ فَأَوْجَرَ الصَّبِيَّ بِهِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اللَّبَنُ يَمُوتُ فَيَكُونُ نَجِسَ الْعَيْنِ، وَثُبُوتُ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْكَرَامَةِ، فَلَا تَثْبُتُ بِمَا هُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَالْأَصْلُ الثَّانِي أَنَّ عِنْدَهُ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الزِّنَا لَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ فَكَذَلِكَ إيجَارُ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ حَرَامُ، فَلَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، ثُمَّ قَاسَ لَبَنَ الْمَيِّتَةِ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ، وَلَكِنْ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ حَرَامًا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ إذَا تَحَقَّقَ فِيهِ الْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِلْحُرْمَةِ، وَلِهَذَا أَثْبَتْنَا الْحُرْمَةَ بِالزِّنَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْبَعْضِيَّةِ لَا يَنْعَدِمُ بِهِ حَقِيقَةً فَكَذَا هُنَا ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللَّبَنَ يُغَذِّي الصَّبِيَّ فَيَتَقَوَّى بِهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا لَهُ حُرْمَةَ اللَّبَنِ بِالْمَوْتِ فَبِالْحُرْمَةِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُغَذِّيًا.

أَلَا تَرَى أَنَّ لَحْمَ الْمَيْتَةِ مُغَذٍّ فَكَذَلِكَ لَبَنُهَا وَبِهِ فَارَقَ وَطْءَ الْمَيِّتَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْبَعْضِيَّةِ يَنْعَدِمُ مِنْهُ أَصْلًا وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: الْجِمَاعُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِجِمَاعٍ، وَإِيجَارُ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ رَضَاعٌ، وَشَبَّهَ اللَّبَنَ بِالْبَيْضَةِ، فَإِنَّ بِالْمَوْتِ لَا تَخْرُجُ الْبَيْضَةُ أَنْ تَكُونَ مُغَذِّيَةً فَكَذَا اللَّبَنُ.



(قَالَ:) وَلَوْ أُرْضِعَ الصَّبِيَّانِ مِنْ بَهِيمَةٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رَضَاعًا، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ طَعَامٍ أَكَلَاهُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ صَاحِبُ الْأَخْبَارِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ، يَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ، فَإِنَّهُ دَخَلَ بُخَارَى فِي زَمَنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجَعَلَ يُفْتِي فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْعَلْ فَلَسْتَ هُنَالِكَ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ نُصْحَهُ حَتَّى اُسْتُفْتِيَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، إذَا أُرْضِعَ صَبِيَّانِ بِلَبَنِ شَاةٍ

ج 5 ص 139.
--------------
فَأَفْتَى بِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ، فَاجْتَمَعُوا وَأَخْرَجُوهُ مِنْ بُخَارَى بِسَبَبِ هَذِهِ الْفَتْوَى، وَهَذَا لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِسَبَبِ الْكَرَامَةِ، وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِلَبَنِ الْآدَمِيَّةِ دُونَ لَبَنِ الْأَنْعَامِ، وَشُبْهَةُ الْجُزْئِيَّةِ لَا يَثْبُتُ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَالْأَنْعَامِ بِشُرْبِ لَبَنِهَا فَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ بِشُرْبِ لَبَنِ بَهِيمَةٍ، وَهَذَا قِيَاسُ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِالْوَطْءِ، وَلَا تَثْبُتُ بِوَطْءِ الْبَهَائِمِ فَكَذَلِكَ هُنَا.



(قَالَ:) وَلَوْ صُنِعَ لَبَنُ امْرَأَةٍ فِي طَعَامٍ فَأَكَلَهُ الصَّبِيُّ، فَإِنْ كَانَتْ النَّارُ قَدْ مَسَّتْ اللَّبَنَ وَأَنْضَجَتْ الطَّعَامَ حَتَّى تَغَيَّرَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِرَضَاعٍ، وَلَا يُحَرِّمْ؛ لِأَنَّ النَّارَ غَيَّرَتْهُ فَانْعَدَمَ بِهَا مَعْنَى التَّغَذِّي بِاللَّبَنِ، وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ، وَإِنْشَازُ الْعَظْمِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ لَمْ تَمَسَّهُ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ هُوَ الْغَالِبُ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَهْلَكِ، وَلِأَنَّ هَذَا أَكْلٌ وَالْمُوجِبُ لِلْحُرْمَةِ شُرْبُ اللَّبَنِ دُونَ الْأَكْلِ، وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ هُوَ الْغَالِبِ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ، وَالْغَالِبُ هُوَ اللَّبَنُ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ شَيْءٌ عَنْ حَالِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إلْقَاءُ الطَّعَامِ فِي اللَّبَنِ يُغَيِّرُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَرِقُّ بِهِ وَرُبَّمَا يَتَغَيَّرُ بِهِ لَوْنُهُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَيَّرَتْهُ النَّارُ، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ لَا يَتَقَاطَرُ اللَّبَنُ مِنْ الطَّعَامِ عِنْدَ حَمْلِ اللُّقْمَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَتَقَاطَرُ مِنْهُ اللَّبَنُ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْقَطْرَةَ مِنْ اللَّبَنِ إذَا دَخَلَتْ حَلْقَ الصَّبِيِّ كَانَتْ كَافِيَةً لِإِثْبَاتِ الْحُرْمَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّغَذِّيَ كَانَ بِالطَّعَامِ دُونَ اللَّبَنِ.




(قَالَ:) وَإِذَا جَعَلَ لَبَنَ امْرَأَةٍ فِي دَوَاءٍ فَأَوْجَرَ مِنْهُ صَبِيًّا أَوْ أَسُعِطَ مِنْهُ وَاللَّبَنُ غَالِبٌ، فَهَذَا رَضَاعٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ لِيَصِلَ بِقُوَّةِ الدَّوَاءِ إلَى مَا لَا يَصِلُ إلَيْهِ وَحْدَهُ فَكَانَ هَذَا أَبْلَغَ فِي حُصُولِ مَعْنَى التَّغَذِّي بِهِ فَلِهَذَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ.




(قَالَ:) وَإِنْ جَعَلَ اللَّبَنَ فِي مَاءٍ فَشَرِبَهُ الصَّبِيُّ، فَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ هُوَ الْغَالِبُ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ خَلَطَ لَبَنَ الْآدَمِيَّةِ بِلَبَنِ الْأَنْعَامِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْرُ مَا يَحْصُلُ بِهِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ اللَّبَنِ، إذَا جُعِلَ فِي جُبٍّ مِنْ الْمَاءِ فَشَرِبَهُ الصَّبِيُّ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ




فَأَمَّا إذَا خَلَطَ لَبَنَ امْرَأَةٍ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى ثُمَّ أَوْجَرَ مِنْهُ صَبِيًّا فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَكْثُرُ بِجِنْسِهِ، وَلَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَكُونُ لَبَنُهَا غَالِبًا؛ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْغَالِبِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي إحْدَاهُمَا اعْتَبَرَ الْأَغْلَبَ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي الْأُخْرَى قَالَ:


ج 5 ص 140.





المبسوط

المؤلف: محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي (المتوفى: 483هـ)

الناشر: دار المعرفة - بيروت

الطبعة: بدون طبعة

تاريخ النشر: 1414هـ - 1993م

عدد الأجزاء: 30


  [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
---------------------------------

وَكَذَلِكَ لَوْ احْتَقَنَ صَبِيٌّ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ اللَّبَنُ إلَى أَحَدِ الْجَوْفَيْنِ.


(أَلَا تَرَى) أَنَّ الصَّوْمَ يَفْسُدُ بِهَذَا، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَقُولُ: مَعْنَى إنْبَاتِ اللَّحْمِ إنَّمَا يَصِلُ بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَعْلَى لَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَسْفَلِ وَثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ ذُكِرَ مَا إذَا جُعِلَ لَبَنُ امْرَأَةٍ فِي دَوَاءٍ أَوْ طَعَامٍ وَمَا يَكُونُ مِنْ الْإِرْضَاعِ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْفُصُولَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ



وَلَوْ أَنَّ صَبِيَّيْنِ شَرِبَا مِنْ لَبَنِ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ مُعْتَبَرٌ بِالنَّسَبِ، وَكَمَا لَا يَتَحَقَّقُ النَّسَبُ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَبَيْنَ الْبَهَائِمِ فَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ بِشُرْبِ لَبَنِ الْبَهَائِمِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ صَاحِبُ التَّارِيخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ سَبَبَ إخْرَاجِهِ مِنْ بُخَارَى، فَإِنَّهُ قَدِمَ بُخَارَى فِي زَمَنِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَعَلَ يُفْتِي فَنَهَاهُ أَبُو حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ لَسْت بِأَهْلٍ لَهُ فَلَمْ يَنْتَهِ حَتَّى سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَفْتَى بِالْحُرْمَةِ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَأَخْرَجُوهُ



(قَالَ: وَالرَّضَاعُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ عَلَى قِيَاسِ النَّسَبِ، فَإِنَّ الْأَنْسَابَ تَثْبُتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَكَذَلِكَ حُكْمُ الرَّضَاعِ)



وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ صَبِيَّةً فَأَرْضَعَتْ الصَّبِيَّةَ أُمُّ الرَّجُلِ مِنْ النَّسَبِ أَوْ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتَهُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامٍ أَرْبَعَةٍ: حُكْمِ الْحُرْمَةِ وَحُكْمِ وُجُوبِ الصَّدَاقِ وَثُبُوتِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُرْضِعَةِ، وَحُرْمَةِ التَّزَوُّجِ، أَمَّا حُرْمَةُ الْفُرْقَةِ فَنَقُولُ: وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَ الزَّوْجِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ لَهُ أُخْتِيَّتُهُ يَغْرَمُ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاق "؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا فِي بِنَاءِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَيُرْجَعُ بِهِ عَلَى الَّتِي أَرْضَعَتْهَا إنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ الْفَسَادَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا إلَّا فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُرْجَعُ عَلَيْهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهَا تَسَبَّبَتْ فِي تَقْرِيرِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ وَكَانَ بِعَرْضِ السُّقُوطِ فَكَأَنَّهَا أَلْزَمَتْهُ ذَلِكَ وَمُجَرَّدُ التَّسَبُّبِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ، كَمَا قَالَ فِيمَنْ فَتَحَ بَابَ الْقَفَصِ فَطَارَ الطَّيْرُ، وَعِنْدَنَا التَّسَبُّبُ إنَّمَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ إذَا كَانَ الْمُسَبِّبُ مُتَعَدِّيًا فِي التَّسَبُّبِ، وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةٌ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةٌ مِنْ مُخْتَارٍ لَمْ يَكُنْ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ وَهُنَا إذَا تَعَمَّدَتْ الْفَسَادَ فَهِيَ غَيْرُ مُتَعَدِّيَةٍ فِي التَّسَبُّبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُخَافُ الْهَلَاكُ عَلَى الرَّضِيعِ فَإِرْضَاعُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ أَوْ مَأْمُورٌ فَلَا يَكُونُ تَعَدِّيًا، وَلَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَةِ تَعَمُّدِهَا الْفَسَادَ إلَّا بِالرُّجُوعِ إلَيْهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَكُونُ فِي بَاطِنِ الْمَرْءِ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ



ج 30 ص 297.


البحر الرائق شرح كنز الدقائق

المؤلف: زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري (المتوفى: 970هـ)

وفي آخره: تكملة البحر الرائق لمحمد بن حسين بن علي الطوري الحنفي القادري (ت بعد 1138 هـ)

وبالحاشية: منحة الخالق لابن عابدين

الناشر: دار الكتاب الإسلامي

الطبعة: الثانية - بدون تاريخ

عدد الأجزاء: 8


  [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ومعه حاشية منحة الخالق]
-------------------------------------
فَتْحِ الْقَدِيرِ لَبَنُ الْمَيِّتَةِ طَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ التَّنَجُّسَ بِالْمَوْتِ لَمَّا حَلَّتْهُ الْحَيَاةُ قَبْلَهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي اللَّبَنِ وَهُمَا، وَإِنْ قَالَا بِنَجَاسَتِهِ لِلْمُجَاوَرَةِ لِلْوِعَاءِ النَّجِسِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحُرْمَةِ كَمَا لَوْ حَلَبَ فِي إنَاءٍ نَجِسٍ وَأَوْجَرَ بِهِ صَبِيٌّ تَثْبُتُ وَهَذَا بِخِلَافِ وَطْءِ الْمَيِّتَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللَّبَنِ التَّغَذِّي، وَالْمَوْتُ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَطْءِ اللَّذَّةُ الْمُعْتَادَةُ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي وَطْءِ الْمَيِّتَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: لَا الِاحْتِقَانُ) أَيْ الِاحْتِقَانُ بِاللَّبَنِ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَتَغَذَّى بِهِ وَلِذَا لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْطَارِ فِي الْإِحْلِيلِ، وَالْأُذُنِ، وَالْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ الصَّوَابُ حُقِنَ إذَا عُولِجَ بِالْحُقْنَةِ وَاحْتُقِنَ بِالضَّمِّ غَيْرُ جَائِزٍ، وَفِي تَاجِ الْمَصَادِرِ الِاحْتِقَانُ حَقَنَهُ كردن فَجَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَالنِّهَايَةِ
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ مَا فِي تَاجِ الْمَصَادِرِ مِنْ التَّفْسِيرِ لَا يُفِيدُ تَعْدِيَةَ الِافْتِعَالِ مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ الصَّرِيحِ كَالصَّبِيِّ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ إذَا احْتَقَنَ الصَّبِيُّ بَلْ إلَى الْحُقْنَةِ وَهِيَ آلَةُ الِاحْتِقَانِ، وَالْكَلَامُ فِي بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ الصَّبِيُّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ قَاصِرٍ يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَجْرُورِ، وَالظَّرْفِ كَجُلِسَ فِي الدَّارِ وَمُرَّ بِزَيْدٍ وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْبِنَاءِ بِاعْتِبَارِ الْآلَةِ، وَالظَّرْفِ جَوَازُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَفْعُولِ بَلْ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا إلَيْهِ بِنَفْسِهِ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ حَقَنْت الْمَرِيضَ إذَا أَوْصَلْت الدَّوَاءَ إلَى بَاطِنِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ بِالْمِحْقَنَةِ وَاحْتَقَنَ هُوَ، وَالِاسْمُ الْحُقْنَةُ مِثْلُ الْغُرْفَةِ مِنْ الِاغْتِرَافِ ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى مَا يُتَدَاوَى بِهِ، وَالْجَمْعُ حُقَنٌ مِثْلُ غَرْفَةٍ وَغُرَفٍ. اهـ.


(قَوْلُهُ: وَلَبَنُ الرَّجُلِ) أَيْ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ اللَّبَنَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ مِمَّنْ تُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوِلَادَةُ فَصَارَ كَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِذَا نَزَلَ لِلْخُنْثَى لَبَنٌ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ رَجُلٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ، وَإِنْ أَشْكَلَ إنْ قَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى غَزَارَتِهِ إلَّا لِلْمَرْأَةِ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ احْتِيَاطًا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْنَ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ:، وَالشَّاةُ) أَيْ لَبَنُ الشَّاةِ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ حَتَّى لَوْ ارْتَضَعَ صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ عَلَى لَبَنِ شَاةٍ فَلَا أُخُوَّةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأُمُومَةَ لَا تَثْبُتُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَلِأَنَّ لَبَنَ الْبَهَائِمِ لَهُ حُكْمُ الطَّعَامِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ قَيَّدَ بِالثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْوَجُورَ، وَالسَّعُوطَ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِمَا ذُكِرَ مَا عَدَا الْإِقْطَارَ فِي الْإِحْلِيلِ لِأَنَّ الْفِطْرَ يَتَعَلَّقُ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ، وَالْوَجُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الدَّوَاءُ يُصَبُّ فِي الْحَلْقِ وَيُقَالُ: أَوْجَرْته وَوَجَرْته، وَالسَّعُوطُ: صَبُّهُ فِي الْأَنْفِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالسَّعُوطُ مِثَالُ رَسُولٍ دَوَاءٌ يُصَبُّ فِي الْأَنْفِ، وَالسَّعُوطُ مِثْلُ قُعُودٍ مَصْدَرٌ وَأَسْعَطَهُ الدَّوَاءُ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ وَاسْتَعَطَ زَيْدٌ، وَالْمُسْعَطُ بِضَمِّ الْمِيمِ الْوِعَاءُ يُجْعَلُ فِيهِ السَّعُوطُ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ بِالضَّمِّ وَقِيَاسُهَا الْكَسْرُ لِأَنَّهُ اسْمُ آلَةٍ وَإِنَّمَا ضُمَّتْ الْمِيمُ لِيُوَافِقَ الْأَبْنِيَةَ الْغَالِبَةَ مِثْلُ فَعْلَلٌّ وَلَوْ كُسِّرَتْ أَدَّى إلَى بِنَاءٍ مَفْقُودٍ إذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعَلُ وَلَا فَعْلَلٌّ بِكَسْرِ الْأَوَّلِ وَضَمِّ الثَّالِثِ اهـ.

وَقَدْ حُكِيَ فِي الْمَبْسُوطِ، وَالْكَشْفِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ صَاحِبَ الْأَخْبَارِ دَخَلَ بُخَارَى وَجَعَلَ يُفْتِي فَقَالَ لَهُ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ: لَا تَفْعَلْ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ نَصِيحَتَهُ حَتَّى اسْتَفْتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَفْتَى بِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ ارْتَضَعَا مِنْ ثَدْيِ لَبَنِ شَاةٍ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كُلُّ صَبِيَّيْنِ اجْتَمَعَا عَلَى ثَدْيٍ وَاحِدٍ حُرِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ» ، وَقَدْ أَخْطَأَ لِفَوَاتِ الرَّأْيِ وَهَوَائِهِ لَمْ يَتَأَمَّلْ أَنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِالْجُزْئِيَّةِ، وَالْبَعْضِيَّةِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ بُخَارَى، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَعْدَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ وَمَنْ لَمْ يَدُقَّ نَظَرُهُ فِي مَنَاطِ الْأَحْكَامِ وَحُكْمِهَا كَثُرَ خَطَؤُهُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ وَمَوْلِدُهُ مَوْلِدُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُمَا وُلِدَا مَعًا فِي الْعَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ سَنَةُ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ اهـ.



(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْضَعَتْ ضَرَّتَهَا حُرِّمَتَا) أَيْ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: حَقَنَهُ كردن) أَيْ فَعَلَ الْحُقْنَةَ فكردن مَصْدَرٌ مَاضِيه كرد وَمُضَارِعُهُ كند وَاسْمُ فَاعِلِهِ كرده وَاسْمُ الْمَفْعُولِ كننده فَالْأَوَّلُ بِمَعْنَى فَعَلَ، وَالثَّانِي بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَالرَّابِعُ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وكردن بِمَعْنَى فِعْلًا فَحَقَنَهُ كردن بِمَعْنَى فَعَلَ الْحُقْنَةَ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي اللُّغَةِ الْفَارِسِيَّةِ مَقْلُوبَةٌ كَذَا أَفَادَنِيهِ بَعْضُ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِهَا (قَوْلُهُ: وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا غَلَطٌ. . . إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ كَانَتْ الرِّوَايَةُ مِحْقَنَةٌ كردن وَكَانَ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي نُسْخَتِهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ حَقَنَهُ كردن كَمَا مَرَّ أَيْ فَعَلَ الْحُقْنَةَ فَفِي كَوْنِهِ غَلَطًا نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَفْسِيرِ الِاحْتِقَانِ بِفِعْلِ الْحُقْنَةِ تَعْدِيَتُهُ لِلْمَفْعُولِ الصَّرِيحِ كَمَا لَوْ فَسَّرْت الِاغْتِسَالَ بِفِعْلِ الْغُسْلِ.



[وَلَبَنُ الرَّجُلِ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ]

(قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِالثَّلَاثَةِ) أَيْ بِالِاحْتِقَانِ وَلَبَنِ الرَّجُلِ، وَالشَّاةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا الِاحْتِقَانُ فَيَقُولُ قَيَّدَ بِهِ. . إلَخْ إذْ لَا مَدْخَلَ فِي ذَلِكَ


ج 3 ص 246.



فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 8 / ص 384) ( رقم الفتوى 15568 الرضاع معتبر بالنسب، وقول البخاري بنشر الحرمة بغير ذلك لا يقدح فيه
تاريخ الفتوى : 09 صفر 1423
السؤال
ما هو تعليقكم عن هذه الرواية : أفتى محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح بأن لبن البهيمة ينشر الحرمة ، فلو شرب اثنان أو أكثر من لبن شاة واحدة صاروا إخوة أو أخوات من الرضاعة قال السرخسي في المبسوط : ولو أن صبيّين شربا من لبن شاة أو بقرة لم تثبت به حرمة الرضاع ، لأن الرضاع معتبر بالنسب ، وكما لا يتحقق النسب بين آدمي وبين البهائم فكذلك لا تثبت حرمة الرضاع بشرب لبن البهائم. المبسوط 30|297 ، 1|139. فكيف أفتى الإمام البخاري بهذه الفتوى وهل تراجع عنها أم ماذا ؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر هذه الرواية عن الإمام البخاري الإمام السرخسي في المبسوط 298/30 والإمام محمد بن محمد البابرتي صاحب العناية 3/457 والإمام كمال الدين بن الهمام في فتح القدير 3/462 ولا نعلم هل صحت هذه الفتوى عن البخاري أصلاً؟ وعلى افتراض أنها صدرت منه هل تراجع عنها أم لا؟
ومما لاشك فيه أن الإمام البخاري هو أمير المؤمنين في الحديث، ولا يقدح في علمه وفقهه ودرايته أن يكبو في مسألة، وهذا طبع البشر فما من عالم جليل القدر إلا وله زلة تُغمر في بحر حسناته، والمعصوم من عصمه الله تعالى، ورحم الله الإمام مالك حيث قال -وهو يشير إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم- كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه ).



الجواهر المضية في طبقات الحنفية
المؤلف: عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي، أبو محمد، محيي الدين الحنفي (المتوفى: 775هـ)
الناشر: مير محمد كتب خانه - كراتشي
عدد الأجزاء: 2


  [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
--------------------------------------

وَثَلَاث مائَة رَحمَه الله تَعَالَى والبردعي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء الْمُهْملَة وَفتح الدَّال الْمُهْملَة فى آخرهَا الْعين الْمُهْملَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى بردعة وهى بَلْدَة من أقْصَى بِلَاد أذربيجان
105 - أَحْمد بن حَفْص الْمَعْرُوف بِأبي حَفْص الْكَبِير البُخَارِيّ الإِمَام الْمَشْهُور أَخذ الْعلم عَن مُحَمَّد بن الْحسن وَله أَصْحَاب لَا يُحصونَ ذكر السَّمْعَانِيّ أَن يخيزاخز قريب من بُخَارى مِنْهَا جمَاعَة من الْفُقَهَاء من أَصْحَاب أَبى حَفْص الْكَبِير قَالَ شمس الْأَئِمَّة قدم مُحَمَّد بن إِسْمَعِيل البُخَارِيّ ببخارى فى زمن أبي حَفْص الْكَبِير وَجعل يُفْتِي فَنَهَاهُ أَبُو حَفْص وَقَالَ لست بِأَهْل لَهُ فَلم ينْتَه حَتَّى سُئِلَ عَن صبيين شربا من لبن شَاة أَو بقرة فَأفْتى بِثُبُوت الْحُرْمَة فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ وأخرجوه من بُخَارى وَالْمذهب أَنه لَا رضَاع بَينهمَا لِأَن الرَّضَاع يعْتَبر بِالنّسَبِ وكما لَا يتَحَقَّق النّسَب بَين بني آدم والبهائم فَكَذَلِك لَا يثبت حُرْمَة الرَّضَاع بِشرب لبن البهايم
106 - أَحْمد بن دَاوُد بن مُحَمَّد الأداني أَبُو نصر تفقه بِأَبِيهِ وروى عَنهُ عَمْرو بن مَنْصُور البُخَارِيّ يَأْتِي أَبوهُ فى بَابه
107 - أَحْمد بن دَاوُد أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي صَاحب كتاب الْبَنَات أحد الْعلمَاء الْمَشْهُورين فى اللُّغَة ذكره أَبُو الْقَاسِم مسلمة بن قَاسم الأندلسي فى الذيل الذى ذيل بِهِ على تَارِيخه الْكَبِير فى أَسمَاء الْمُحدثين وَقَالَ فَقِيه حَنَفِيّ الْفِقْه وَله المصنفات كتاب الفصاحة وَكتاب الْأَنْوَار وَكتاب الْقبْلَة وَكتاب الدّور وَكتاب الْوَصَايَا وَكتاب الْجَبْر والمقابلة وَكتاب إصْلَاح الْمنطق مَاتَ سنة إثنتين وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ رَحمَه الله تَعَالَى
108 - أَحْمد بن زيراد بن مهْرَان أَبُو الْحسن السيرافي فى الْمقري الْفَقِيه الْمُتَكَلّم أحد

ج 1 ص 67.
 




فتح القدير

المؤلف: كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام (المتوفى: 861هـ)

الناشر: دار الفكر

الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ

عدد الأجزاء: 10

  [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
--------------------------

وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتَا عَلَى الزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ رَضَاعًا وَذَلِكَ حَرَامٌ كَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا نَسَبًا (ثُمَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ فَلَا مَهْرَ لَهَا) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا

[فتح القدير]

الْآدَمِيِّ لَهَا عَلَى إنْحَاءِ الِابْتِذَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مِنْ مَالِكِهَا سُبْحَانَهُ، قَالَ تَعَالَى {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} [النحل: 5] وَفِي آيَةٍ أُخْرَى {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [يس: 72] وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَالِكُ الْأَشْيَاءِ وَالْحَكِيمُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعَلِيمُ بِالْقَوَابِلِ الَّتِي بِهَا يَحْصُلُ التَّفْضِيلُ الدُّنْيَوِيُّ، فَلَمْ يُثْبِتْ سُبْحَانَهُ بِوَاسِطَةِ الِاغْتِذَاءِ بِلَبَنِهَا، بَلْ وَلَحْمِهَا وَحُصُولُ الْجُزْءِ مِنْهُ مَزِيَّةٌ لَهَا عَلَى الْآدَمِيِّ تُوجِبُ مِثْلَ مَا تُوجِبُ لِمُسَاوِيهِ فِي نَوْعِهِ مِنْ الْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ، فَلَمْ تُعْتَبَرُ الشَّاةُ أُمَّ الصَّبِيِّ وَإِلَّا لَكَانَ الْكَبْشُ أَبَاهُ، وَالْأُخْتِيَّةُ فَرْعُ الْأُمِّيَّةِ، وَكَذَا سَائِرُ الْحُرُمِ بَعْدَهَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِتَبَعِيَّةِ الْأُمِّيَّةِ حَتَّى الْأَبَوِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا جُزْءَ فِي الرَّضِيعِ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْأَبِ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ جُزْأَهُ انْفَصَلَ فِي وَلَدِهِ الَّذِي نَزَلَ اللَّبَنُ بِسَبَبِهِ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ فِي الْمَرْأَةِ شَيْءٌ مِنْهُ بِحَيْثُ يَكُونُ فِي لَبَنِهَا جُزْءٌ مِنْهُ فَكَيْفَ وَاللَّبَنُ إنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْغِذَاءِ، وَالْكَائِنُ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ إنَّمَا يَصِلُ مِنْ أَسْفَلَ وَالتَّغَذِّي لِبَقَاءِ الْحَيَاةِ وَالْجُزْءُ لَا يَكُونُ إلَّا مِمَّا يَصِلُ مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْمَعِدَةِ وَلَكِنْ لَمَّا أَثْبَتَ الشَّرْعُ أُمِّيَّةَ زَوْجَتِهِ عَنْ إرْضَاعِ لَبَنٍ هُوَ سَبَبٌ فِيهِ أَثْبَتَ لَهُوِيَّةِ الرَّجُلِ الْأُبُوَّةَ وَحِينَ لَا أُمَّ وَلَا أَبَ فَلَا إخْوَةَ وَلَا تَحْرِيمَ. وَنُقِلَ أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ صَاحِبَ الصَّحِيحِ أَفْتَى فِي بُخَارَى بِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ ارْتَضَعَا شَاةً فَاجْتَمَعَ عُلَمَاؤُهَا عَلَيْهِ وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِهِ مِنْهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

وَمَنْ لَمْ يَدِقَّ نَظَرُهُ فِي مُنَاطَاتِ الْأَحْكَامِ وَحِكَمِهَا كَثُرَ خَطَؤُهُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ وَمَوْلِدُهُ مَوْلِدُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُمَا مَعًا وُلِدَا فِي الْعَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ عَامُ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ.


(قَوْلُهُ وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ صَغِيرَةً رَضِيعَةً وَكَبِيرَةً فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتَا عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ جَامِعًا بَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَذَلِكَ حَرَامٌ كَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا نَسَبًا) ثُمَّ حُرْمَةُ الْكَبِيرَةِ حُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ امْرَأَتِهِ، وَالْعَقْدُ عَلَى الْبِنْتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّ. وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ الَّذِي أَرْضَعَتْهَا بِهِ الْكَبِيرَةُ نَزَلَ لَهَا مِنْ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ لِلرَّجُلِ كَانَتْ حُرْمَتُهَا أَيْضًا مُؤَبَّدَةً كَالْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَبًا لَهَا، وَإِنْ كَانَ نَزَلَ لَهَا مِنْ رَجُلٍ قَبْلَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ هَذَا الرَّجُلَ وَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لِانْتِفَاءِ أُبُوَّتِهِ لَهَا، إلَّا إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ فَيَتَأَبَّدُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمِّ يُحَرِّمُ الْبِنْتَ، وَأَمَّا حُكْمُ الْمَهْرِ فَلَا يَجِبُ لِلْكَبِيرَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ الْإِرْضَاعُ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِنِصْفِ الْمَهْرِ كَرِدَّتِهَا وَتَقْبِيلِهَا ابْنَ الزَّوْجِ، وَتَعْلِيلُ السُّقُوطِ بِإِضَافَةِ الْفُرْقَةِ إلَيْهَا يُعْرَفُ مِنْهُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً فَارْتَضَعَتْهَا الصَّغِيرَةُ أَوْ أَخَذَ شَخْصٌ لَبَنَهَا فَأَوْجَرَ بِهِ الصَّغِيرَةَ أَوْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَجْنُونَةً كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ لِانْتِفَاءِ إضَافَةِ الْفُرْقَةِ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ لَكِنْ لَا نَفَقَةَ عِدَّةٍ لَهَا لِجِنَايَتِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مَجْنُونَةً وَنَحْوَهَا.

وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الدُّخُولُ بِالرَّضِيعَةِ فَعَلَيْهِ لَهَا نِصْفُ مَهْرِهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ لَا مِنْ جِهَتِهَا، وَالِارْتِضَاعُ وَإِنْ كَانَ فِعْلَهَا وَبِهِ وَقَعَ الْفَسَادُ لَكِنَّ فِعْلَهَا لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا
ج 3 ص 457.



الطبقات السنية في تراجم الحنفية

المؤلف: تقي الدين بن عبد القادر التميمي الداري الغزي (المتوفى: 1010هـ)


  [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع وهو ضمن خدمة التراجم]
-------------------------------------
وقيل: مات بمرو، يوم الأربعاء، التاسع من صفر، في السنة المذكورة، رحمه الله تعالى.
وورخه الحاكم، في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.


185 - أحمد بن الحسين

أبو سعيد البردعي

قال الخطيب: أحد الفقهاء على مذهب أبي حنيفة.

ورد بغداد حاجاً.

قال: فحدثني القاضي أبو عبد الله الصيمري، وقال: أخذ أبو سعيد أحمد بن الحُسين البردعي العلم عن أبي علي الدقاق، عن موسى بن نصر.

وأخذ عنه أبو الحسن الكرخي، وأبو طاهر الدباس، وأبو عمرو الطبري، وأضرابهم.

*وكان قد قدم بغداد حاجاً، فدخل الجامع، ووقف على داود صاحب الظاهر، وهو يكلم رجلاً من أصحاب أبي حنيفة، وقد ضعف في يده الحنفي، فجلس، فسأله عن بيع أمهات الأولاد، فقال: يجوز.

فقال له: لم قلت؟ قال: لأنا أجمعنا على جواز بيعهن قبل العلوق، فلا نزول عن هذا الإجماع إلا بإجماع مثله.
فقال له: أجمعنا بعد العلوق قبل وضع الحمل على أنه لا يجوز بيعها، فيجب أن نتمسك بهذا الإجماع، ولا نزول عنه إلا بإجماع مثله.
فانقطع داود، وقال: ننظر في هذا.
قال: فعزم أبو سعيد على القعود ببغداد، والتدريس بها، لما رأى من غلبة أصحاب الظاهر، فلما كان بعد مديدة رأى في المنام، كان قائلاً يقول: (فَأمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) فانتبه بدق الباب، وإذا قائل يقول له: قد مات داود بن علي صاحب المذهب، فإن أردت أن تصلي عليه فاحضر.
وأقام أبو سعيد ببغداد سنين كثيرة يدرس، ثم خرج إلى الحج فقتل في وقعة القرامطة مع الحجاج، سنة سبع عشرة وثلاثمائة. رحمه الله تعالى.



186 - أحمد بن حفص

المعروف بأبي حفص الكبير

الإمام المشهور، والعلم المنشور، الذي ظنت حصاته في الآفاق، وشاع ذكره بين أهل الخلاف والاتفاق.

أخذ العلم عن محمد بن الحسن، وله أصحابٌ لا يحصون.

*قال شمس الأئمة: قدم محمد بن إسماعيل البخاري بخارى، في زمن أبي حفص الكبير، وجعل يُفتي فيها، فنهاه أبو حفص، وقال: لست بأهل لها. فلم ينته، حتى سئل عن صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة، فأفتى بثبوت الحرمة. فاجتمع الناس، وأخرجوه.

والمذهب أنه لارضاع بينهما؛ لأن الرضاع يعتبر النسب، وكما لا يتحقق النسب بين بني آدم والبهائم، فكذلك لا تثبت حرمة الرضاع بشرب لبن البهائم.

نقله صاحب " الجواهر ".

*وكان أبو حفص هذا يقول: لو أن رجلاً عبد الله خمسين سنة، ثم أهدي لرجل مشرك بصلة يوم النيروز، يريد به تعظيم ذلك اليوم، فقد كفر، وحبط عمله.
187 - أحمد بن حمزة

المشهور بعرب جلبي

قرأ على المولى موسى جلبي بن أفضل زاده، وغيره من علماء الديار الرومية، ثم رحل إلى القاهرة، واشتغل بها كثيراً، في التفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والعربية، وغير ذلك من العلوم، وأجاز له فضلاء تلك الديار، وشهدوا له بالفضيلة.

ثم عاد إلى الديار الرومية، وبنى له الوزير قاسم باشا مدرسة بالقرب من مدرسة أبي أيوب الأنصاري، رضي الله تعالى عنه.

188 - أحمد بن خاص التركي

شهاب الدين

أحد الفضلاء المتميزين من الحنفية.

أخذ عنه بدر الدين العيني، وكان يطريه. كذا قال ابن حجر.

وذكره السخاوي، في " الضوء اللامع " وقال: أكثر الاشتغال بالفقه والحديث، ليلاً ونهاراً، وكتب كثيراً، وجمع، ودرس.

ومات في سنة تسعٍ. رحمه الله تعالى.

189 - أحمد باشا

ابن المولى حضر بيك، ابن جلال الدين

كان من جملة الأفاضل بالديار الرومية.

وولي إحدى المدارس الثمان، وسنه دون العشرين، وهو من المدرسين الأول بها، فلما عزل أخوه سنان باشا عن الوزارة عُزل هو أيضاً عن التدريس، وأعطي قضاء أسكوب ومدرستها.

فلما ولي السلطان بايزيد، وجه له تدريس إحدى المدرستين المتجاورتين، بمدينة أدرنة، ثم وجه له إحدى المدارس الثمان.

ثم جعل مُفتياً بمدينة بروسة، وعين له كل يوم مائة درهم عُثماني.

وكانت وفاته بها، في سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وقد جاوز عشر التسعين، رحمه الله تعالى.


190 - أحمد بن الخضر الحنفي

شهاب الدين

مفتي دار العدل.

سمع عيسى المطعم، وجماعة، وهو مكثر.

قال ابن حجر في بعض مؤلفاته: كذا قرأت بخط القدسي، ولعله الذي قبله، انتهى.


ج 1 ص 103.



























........