أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 15 نوفمبر 2018

وثيقة // كلمات علماء أهل السنة في يزيد بن معاوية.


          العلامة التفتازاني شرح العقائد النسفية ص 149
                  

مصدر 2

⬇⬇⬇⬇⬇⬇⬇⬇⬇⬇
فإن قیل فمن علماء المذهب من لم یجوز اللعن على یزید مع علمهم بأنه یستحق ما یربوا على ذلک ویزید قلنا تحامیا عن أن یرتقی إلى الأعلى فالأعلى کما هو شعار الروافض على ما یروى فی أدعیتهم ویجری فی أندیتهم

التفتازانی، سعد الدین مسعود بن عمر بن عبد الله (متوفاى791هـ)، شرح المقاصد فی علم الکلام، ج5، ص 311، التحقیق : عبد الرحمن عمیرة، الناشر : عالم الکتب - بیروت، الطبعة : الثانیة، 1419 هـ - 1998 م



  كلمات علماء أهل السنة في يزيد بن معاوية لعنهم الله



القاضي عياض
قال في كتابه (إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم ج6 ص260-261) :
«وعبد الله بن مطيع كان أميراً لقومه حينئذ بالمدينة عند قيام عبد الله بن الزبير على يزيد بن معاوية في جماعة من أبناء الأنصار والمهاجرين وبقية من مشيختهم، وجماعة من الصحابة. وعلى يديه كانت وقعة الحرة في الجيش الذي وجهه يزيد لحربهم، فهزموا أهل المدينة وقتلوهم، واستباحوهم ثلاثة أيام، وقتل فيها عدة من بقية الصحابة وأبناء المهاجرين والأنصار، وعطلت الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الأيام والأذان فيه».
ابـن الـجـوزي
قال في كتابه (الرد على المُتعصِّب العنيد المانع من ذمِّ يزيد ص63-64):
«(قلت): ليس العجب من فعل عمر بن سعد، وعبيد الله بن زياد، وإنما العجب من خذلان يزيد وضربه بالقضيب على ثنية الحسين، وإعادته إلى المدينة وقد تغيرت ريحه لبلوغ الغرض الفاسد، أفيجوز أن يفعل هذا (بالخوارج)؟ أوليس في الشرع أنهم يصلى (عليهم) ويدفنون؟ وأما قوله: لي أن أسبيهم، فأمر لا يقنع لفاعله ومعتقده إلا (اللعنة) ولو أنه احترم الرأس حين وصوله وصلى عليه ولم يتركه في (طشت) ولم يضربه بقضيب ما الذي كان يضره وقد حصل له مقصوده من القتل، ولكن أحقاده الجاهلية ودليلها ما تقدم من إنشاده (ليت أشياخي ببدر شهدوا….».
أبـو العـباس الـقـرطـبي
قال في کتابه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج4 ص56) :
«بل الأولى: أن الإشارة بذلك إلى مدة خلافة معاوية، فإنها كانت تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر، وهي مدة الهدنة التي كان فيها الدَّخَن؛ لأنَّه لما بايع الحسنُ معاويةَ واجتمع النَّاسُ عليه كره ذلك كثير من النَّاس بقلوبهم، وبقيت الكراهةُ فيهم، ولم تُمكنْهم المخالفةُ في مدة معاوية، ولا إظهارُها إلى زمن يزيد بن معاوية، فأظهرَها كثيرٌ من الناس. ومدة خلافة معاوية كان الشرُّ فيها قليلاً والخيرُ غالباً، فعليهم يصدُق قوله عليه الصلاة والسلام: “تعرفُ منهم وتُنكر”. وأمَّا خِلافة ابنه فهي أول الشرِّ الثالث، فيزيدُ وأكثر ولاته، ومَنْ بعده من خلفاء بني أمية هم الذين يصدُق عليهم: أنهم “دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابَهم إليهم قذفوه فيها”، فإنَّهم لم يَسيروا بالسَّواء، ولا عَدلوا في القضاء. يدل على ذلك تصفح أخبارهم، ومطالعةُ سِيَرهم، ولا يُعترض على هذا بمدة خلافة عمر بن عبد العزيز، بأنها كانت خلافةُ عدلٍ، لقصرها، وندورها في بني أميَّة، فقد كانت سنتين وخمسة أشهرٍ، فكأنَّ هذا الحديث لم يتعرَّض لها، والله تعالى أعلم».
وقال في (ج7 ص254-255) :
«وهؤلاء الأُغيلمة كان أبو هريرة – رضي الله عنه – يعرف أسماءهم، وأعيانَهم، ولذلك كان يقول: لو شئت قلت لكم: هم بنو فلان، وبنو فلان، لكنَّه سكتَ عن يقينهم مخافةَ ما يطرأُ من ذلك من المفاسد، وكأنَّهم – والله تعالى أعلم – يزيد بن معاوية، وعبيد الله بن زياد، ومن تنزَّل منزلتَهم من أحداث ملوك بني أمية، فقد صدرَ عنهم من قَتْلِ أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبيهم، وقتل خيار المهاجرين والأنصار بالمدينة، وبمكة وغيرها، وغيرُ خافٍ ما صدرَ عن الحجَّاج وسليمان بن عبد الملك، وولده من سفك الدماء، وإتلاف الأموال، وإهلاك خيار الناس بالحجاز، والعراق، وغير ذلك».
الحافظ الـذهــبــي
قال الذهبي في (تاريخ الإسلام ج2 ص591 تحقيق بشار عواد معروف) في حوادث سنة 63هـ :
“قلت: ولمَّا فعل يزيد بأهل المَدينة ما فعل، وقَتل الحُسين وإخوته وآله، وشَرب يزيد الخَمر، وارتكب أشياء مُنكرةً، بغضه النَّاس، وخرج عليه غيرُ واحد، ولم يُبارك الله في عُمره، فخرج عليه أبو بلال مِرْداس بن أُدَيَّة الحَنْظَلي”.

وقال في (سير أعلام النبلاء ج4 ص37-38) :
«قلت: كان قويّاً شجاعاً، ذا رأيٍ وحَزْم، وفِطنة، وفصاحة، وله شعر جيِّد وكان ناصِبيّاً، فَظّاً، غليظاً، جِلْفاً. يتناولُ المُسْكِرَ، ويفعل المُنْكَر. افتتح دولته بمقْتَلِ الشهيد الحُسَين، واختتمها بواقعةِ الحَرَّة، فمقته الناسُ. ولم يُبارَك في عُمُره. وخرج عليه غيرُ واحد بعد الحُسَين. كأهل المدينة قاموا لله، وكمرداسِ بنِ أُديَّة الحنظليّ البصريّ، ونافع بن الأزْرق، وطوَّاف بن مُعَلَّى السدوسيّ، وابن الزُّبير بمكة».
وقال في (ميزان الاعتدال ج4 ص440 رقم9754) :
«يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي. رَوَى عن أبيه. وعنه ابنه خالد ، وعبد الملك بن مروان . مقدوحٌ في عدالته . ليس بأهلٍ أَنْ يروى عنه . قال أحمد بن حنبل : لا ينبغي أن يروى عنه».

ابــن كــثــيــر
قال ابن كثير في (البداية والنهاية ج11 ص627) :
«وقد أخْطأ يزيدُ خَطأً فاحشاً في قولِه لمسلمِ بن عُقْبةَ أن يُبِيحَ المَدينةَ ثلاثةَ أيامٍ، وهذا خطأٌ كبيرٌ، فإنه وَقَع في هذه الثلاثةِ أيامٍ مِن المَفاسِدِ العَظيمةِ في المدينةِ النَّبويةِ ما لا يُحَدُّ ولا يُوصَفُ، مما لا يَعْلَمُه إلا اللهُ عز وجل. وقد أراد بإرْسالِ مسلمِ بنِ عقبةَ تَوْطِيدَ سُلْطانِه ومُلْكِه، ودَوامَ أيامِه، فعاقَبه اللهُ بنَقيضِ قَصْدِه، فقَصَمه اللهُ قاصِمُ الجَبابِرةِ، وأخَذَه أَخْذَ عَزيزٍ مُقْتَدِرٍ».
وقال في (ص631-632) :
«وسنذْكرُ ترجمةَ يزيدَ بنِ مُعاويةَ قريباً، وما ذُكِر عنه، وما قيل فيه، وما كان يُعانِيه مِن الأفْعالِ والقَبائحِ والأقْوالِ، في السَّنَةِ الآتيةِ، فإنه لم يُمْهَلْ بعدَ وَقْعةِ الحَرَّةِ وقَتْلِ الحسينِ إلا يَسيراً حتى قَصَمه اللهُ الذي قَصَم الجبَابرةَ قبلَه وبعدَه، إنه كان عَليماً قَديراً. وقد تُوُفِّيَ في هذه السَّنَةِ خَلْقٌ مِن المَشاهِيرِ والأعْيانِ مِن الصَّحابةِ وغيرِهم في وَقْعةِ الحَرَّةِ مما يَطولُ ذِكْرُهم؛ فمِن مَشاهِيرِهم مِن الصَّحابةِ عبدُ اللهِ بنُ حَنْظَلةَ أميرُ المدينةِ، الذي بايعَه أهلُ الحَرَّةِ، ومَعْقِلُ بنُ سِنانٍ، وعبدُ اللهِ بنُ زيدِ بنِ عاصمٍ، رَضِي اللهُ عنهم، ومَسْروقُ بنُ الأجْدَعِ».
الحافظ ابن حجر العسقلاني
قال ابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب ج4 ص429 طبعة مؤسسة الرسالة) :
«يزيد بن مُعاوية بن أَبي سفيان صَخْر بن حرب بن أُميّة بن عَبْدِ شمس، أَبو خالد.
وُلد في خِلافة عُثمان، وعَهِد إليه أَبوه بالخلافة فبُويع سنة ستين، وأبى البيعة عبد الله بن الزُّبير ولاذ بمكة والحُسين بن علي، ونَهض إلى الكوفة، وأَرسل ابن عمه مُسلم بن عَقيل بن أَبي طالب ليُبايع له بها، فَقَتله عُبيد الله بن زياد، وأَرسل الجيوش إلى الحُسَيْن، فقُتِل كما تقدَّم في ترجمته سنة إحدى وستين، ثم خرج أهل المدينة على يزيد وخَلعوه في سنة ثلاث وستين، فأرسل إليهم مُسلم بن عُقْبة المُرِّيِّ وأَمره أَن يَستبيحَ المدينة ثلاثة أَيام وأن يبايعهم على أَنَّهم خَوَل وعَبيد ليزيد فإذا فَرَغَ منها نَهضَ إلى مكة لحرب ابن الزُّبير فَفَعل بها مسلم الأفاعيل القبيحة، وقَتَل بها خَلْقاً من الصَّحابة وأَبنائهم وخيار التَّابعين، وأفحش القضية إلى الغاية، ثم توجَّه إلى مكة فأخذه الله تعالى قبل وصوله، واستخلف على الجَيْش حُصين بن نُمَيْر السَّكوني فحاصروا ابن الزُّبير ونَصبوا على الكعبة المِنْجَنيق فأدى ذلك إلى وهي أركانها وَوَهي بنائها ثم أُحْرقت، وفي أَثناء أَفعالهم القبيحة فجئهم الخبر بهلاك يزيد بن معاوية فرجعوا وكفى الله المؤمنين القتال، وكان هَلاكه في نِصْف ربيع الأول سنة أَربع وستين ولم يكمل الأربعين. أَخباره مستوفاة في “تاريخ دمشق” لابن عساكر. وليست له رواية تُعْتمد».
وقال في (فتح الباري ج4 ص69) :
«قلت: يوم الحرة قتل فيه من الأنصار من لا يحصى عدده، ونهبت المدينة الشريفة، وبذل فيها السيف ثلاثة أيام، وكان ذلك في أيام يزيد بن معاوية».

وقال في (فتح الباري ج16 ص540-541) :
«قلت: وكان السبب فيه ما ذكره الطبري مسنداً: (أن يزيد بن معاوية كان أمر على المدينة ابن عمه عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فأوفد إلى يزيد جماعة من أهل المدينة منهم عبد الله بن غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر وعبد الله بن أبي عمرو بن حفص المخزومي في آخرين فأكرمهم وأجازهم، فرجعوا فأظهروا عيبه ونسبوه إلى شرب الخمر وغير ذلك، ثم وثبوا على عثمان فأخرجوه، وخلعوا يزيد بن معاوية، فبلغ ذلك يزيد فجهز إليهم جيشاً مع مسلم بن عقبة المري وأمره أن يدعوهم ثلاثاً فإن رجعوا وإلا فقاتلهم، فإذا ظهرت فأبحها ثلاثاً ثم أكفف عنهم، فتوجه إليهم فوصل في ذي الحجة سنة ثلاثين فحاربوه، وكان الأمير على الأنصار عبد الله بن حنظلة وعلى قريش عبد الله بن مطيع وعلى غيرهم من القبائل معقل بن يسار الأشجعي، وكانوا اتخذوا خندقاً، فلما وقعت الوقعة انهزم أهل المدينة، فقتل ابن حنظلة، وفر ابن مطيع، وأباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثاً، فقتل جماعة صبراً، منهم معقل بن سنان ومحمد بن أبي الجهم بن حذيفة ويزيد بن عبد الله بن زمعة وبايع الباقين على أنهم خول ليزيد).
وأخرج أبو بكر بن أبي خيثمة بسند صحيح إلى جويرية بن أسماء: سمعت أشياخ أهل المدينة يتحدثون أن معاوية لما احتضر دعا يزيد فقال له: (إن لك من أهل المدينة يوماً، فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإني عرفت نصيحته) فلما ولي يزيد وفد عليه عبد الله بن حنظلة وجماعة فأكرمهم وأجازهم، فرجع فحرض الناس على يزيد وعابه ودعاهم إلى خلع يزيد، فأجابوه، فبلغ يزيد فجهز إليهم مسلم بن عقبة، فاستقبلهم أهل المدينة بجموع كثيرة، فهابهم أهل الشام وكرهوا قتالهم، فلما نشب القتال سمعوا في جوف المدينة التكبير، وذلك أن بني حارثة أدخلوا قوماً من الشاميين من جانب الخندق، فترك أهل المدينة القتال ودخلوا المدينة خوفاً على أهلهم، فكانت الهزيمة، وقتل من قتل وبايع مسلم الناس على أنهم خول ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهلهم بما شاء».
وقال في (الإصابة ج10 ص444-445 رقم8451) :
«مسلمُ بنُ عقبةَ بنِ رِياحِ بنِ أسعدَ بنِ ربيعةَ بنِ عامرِ بنِ مالكِ بنِ يربوعِ بنِ غيظِ بنِ مرةَ بنِ عوفٍ المرِّيُّ، أبو عقبةَ، الأميرُ من قِبَلِ يزيدَ بنِ معاويةَ على الجيشِ الذين غزَوُا المدينةَ يومَ الحرةِ. ذكَره ابنُ عساكرَ، وقال: أدرَك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وشهِد صِفِّينَ مع معاويةَ، وكان على الرجالةِ. وعُمدتُه في إدراكِه أنه استَنَد إلى ما أخرَجه محمدُ بنُ سعدٍ في “الطبقاتِ” عن الواقديِّ بأسانيدِه قال : لما بلَغ يزيدَ بنَ معاويةَ أنَّ أهلَ المدينةِ أخرَجوا عاملَه من المدينةِ وخلَعوه، وجَّه إليهم عسكراً أمَّر عليهم مسلمَ بنَ عقبةَ المُرِّيِّ، وهو يومئذٍ شيخٌ ابنُ بضعٍ وتسعينَ سنةً. فهذا يدلُّ على أنَّه كان في العهدِ النبويِّ كَهْلاً. وقد أفحَش مسلمٌ المذكورُ القولَ والفعلَ بأهلِ المدينةِ، وأسرَف في قتلِ الكبيرِ والصغيرِ حتى سَمَّوه مُسْرِفاً، وأباح المدينةَ ثلاثةَ أيامٍ لذلك العسكرِ يَنهَبُون ويَقتُلون ويَفجُرونَ، ثم رفَع القتلَ وبايَع من بقِي على أنَّهم عبيدٌ ليزيدَ، وتَوَجَّه بعسكرهِ إلى مكةَ ليُحاربَ ابنَ الزبيرِ لتَخَلُّفِه عن البيعةِ ليزيدَ فعُوجِلَ بالموتِ، فمات في الطريقِ، وذلك في سنةِ ثلاثٍ وستينَ، واستمَرَّ الجيشُ إلى مكةَ فحاصَروا ابنَ الزبيرِ ونصَبوا المنجنيقَ على أبي قُبَيسٍ، فجاءهم الخبرُ بموتِ يزيدَ بنِ معاويةَ فانصَرَفوا، وكفَى اللهُ المؤمنينَ القتالَ».
وقال في (تعجيل المنفعة ج2 ص377-378) :
«يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية الأموي أبو عبد الرحمن وأبو خالد، ولد في خلافة عثمان وغزا الروم في خلافة أبيه، وولي الخلافة بعهد منه إليه سنة ستين، وامتنع من بيعته الحسين بن علي، وسار إلى الكوفة باستدعائهم له إليها، فجهز له عبيد الله بن زياد أمير الكوفة ليزيد بن معاوية الجيوش، فقتل في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وامتنع من بيعة يزيد أيضاً عبد الله بن الزبير، وأقام بمكة، فراسله يزيد مراراً، ثم إن أهل المدينة خلعوا يزيد، فجهز إليهم الجيوش، فكانت وقعة الحرة بالمدينة، قتل فيها عدد كثير من الصحابة والتابعين، واستبيحت المدينة بجهلة أهل الشام، ثم سارت الجيوش إلى مكة لقتال ابن الزبير، فحاصروه بمكة وأحرقت الكعبة بعد أن رميت بالمنجنيق، ففجئهم موت يزيد، وكانت وفاته في نصف شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، وكان يزيد شجاعاً جواداً شاعراً مجيداً، وأمه ميسون بنت بحدل – بموحدة ثم مهملة وزن جعفر – الكلبية، وكان منهمكاً في لذاته، ومقته أهل الفضل بسبب قتل الحسين، ثم بسبب وقعة الحرة، والله المستعان».
جلال الدين السيوطي
قال في كتابه (تاريخ الخلفاء ص243-244 طبعة دار صادر):
«وبعث أهلُ العراق إلى الحسين الرُّسلَ والكُتبَ يدعونه إليهم ، فخرج من مكة إلى العراق في عَشر ذي الحِجّة ومعه طائفة من آل بيته رجالاً ونساءً وصبياناً ، فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عُبَيْد الله بن زياد يأمره بقتاله ، فوجَّهَ إليه جيشاً أربعة آلاف عليهم عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، فخَذَلَهُ أهلُ الكوفة كما هو شأنهم مع أبيه من قبله ، فلمّا أرهقه السّلاح عرض عليهم الاستسلام والرّجوع أو المضيّ إلى يزيد فيضع يده في يده ، فأبوا إلاّ قتله ، فقُتل وجيء برأسه في طَسْتٍ حتّى وُضع بين يدي ابن زياد ؛ لعن الله قاتله وابن زياد معه ويزيدَ أيضاً. وكان قتله بكربلاء يوم عاشوراء ؛ وفي قتله قصّة فيها طول لا يحتمل القلبُ ذكرها ؛ فإنا لله وإنّا إليه راجعون ، وقُتل معه ستّة عشر رجلاً من أهل بيته».
وقال في (ص245) :
«ولمّا قُتل الحسين وبنو أبيه بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسُرَّ بقتلهم أوّلاً ، ثم ندم لمّا مَقَتَهُ المسلمون على ذلك ، وأبغضه النّاس ، وحُقَّ لهم أن يبغضوه».
وقال في (ص246) :
«وفي سنة ثلاث وستّين بلغه أن أهل المدينة خرجوا عليه وخلعوه فأرسل إليهم جيشاً كثيفاً وأمرهم بقتالهم ، ثم المسير إلى مكّة لقتال ابن الزُّبير ، فجاؤوا وكانت وقعة الحَرَّةِ على باب طَيْبَة ، وما أدراك ما وَقْعَةُ الحَرَّة ؟ ذكرها الحسن مَرةً فقال : والله ما كادَ ينجو منهم أحد ، قُتل فيها خلق من الصّحابة رضي الله عنهم وعن غيرهم ، ونُهبت المدينة ، وافْتُضَّ فيها ألف عذراء ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون!».
ابن حجر الهيتمي
قال ابن حجر الهيتمي في (المِنَح المَكِّيَّة في شرح الهَمْزِيَّة ص519) :
«ولا عجب ؛ فإن يزيد بلغ من قبائح الفسق والانحلال عن التقوى مبلغاً لا تستكثر عليه صدور تلك القبائح منه ، بل قال أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به ورعاً وعلماً يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ، ثبتت عنده وإن لم تثبت عند غيره كالغزالي ، فإنه أطال في رد كثير مما نسب إليه كقتل الحسين ، فقال : لم يثبت من طريق صحيح أنه قتله ولا أمر بقتله ، ثم بالغ في تحريم سبه ولعنه ، وكابن العربي المالكي ، فإنه نُقل عنه ما يقشعر منه الجلد ، أنه قال : لم يقتل يزيدُ الحسينَ إلا بسيف جده – أي : بحسب اعتقاده الباطل أنه الخليفة – والحسين باغ عليه ، والبيعة سبقت ليزيد ، ويكفي فيها بعض أهل الحل والعقد ، وبيعته كذلك ؛ لأن كثيرين أقدموا عليها مختارين لها ، هذا مع عدم النظر إلى استخلاف أبيه له ، أما مع النظر لذلك. . فلا يشترط موافقة أحد من أهل الحل والعقد على ذلك».



ابـن الـعـمـاد الحـنـبـلي
قال ابن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب ج1 ص273-275) في حوادث سنة 61هـ :
«استُشهد فيها في يوم عاشوراء أبو عَبْدِ الله الحُسَينُ بنُ عَليٍّ بنَ أَبي طالِبٍ، سِبْطُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وريحانته بكَرْبَلاء عن ست وخمسين سنة، ومن أسباب ذلك أنه كان قد أبى من البيعة ليَزِيْد حين بايع له أبوه النَّاس، رابع أربعةٍ عَبْدُ الله بن عُمَر، وعَبْدُ الله بنُ الزُّبَيْر، وعَبْدُ الرَّحمنِ بن أبي بَكرٍ، فلما مات مُعَاوِيَةُ جاءت كتب أهل العِرَاق إلى الحُسَيْن يسألونه القدوم عليهم، فسار بجميع أهله حتى بلغ كَرْبَلاء موضعاً بقرب الكُوفَة، فعرض له عُبَيْد الله بن زِيَاد، فقتلوه، وقتلوا معه ولديه عليَّاً الأكبر، وعَبْدَ اللهِ، وإخوته جَعْفراً، ومُحَمَّداً، وعَتِيْقاً، والعَبَّاس الأكبر، وابن أخيه قَاسِمَ بن الحَسَن، وأولاد عمه مُحَمَّداً، وعَوْناً ابنا عَبْدَ الله بنَ جَعْفَر بن أَبي طالب، ومُسْلمْ بن عَقِيْل بن أبي طالب، وابنيه عَبْدَ اللهِ، وعَبْدَ الرحمن. ومختصر ذلك أن يَزِيْدَ لما بويع له بعد موت أبيه، وكان أبوه بايع له الناس، فأرسل يَزِيْد إلى عامله بالمدينة الوَلِيدِ بن عُتْبَة يأخذ له البيعة، فأرسل إلى الحُسَيْن، وعَبْدِ اللهِ بنَ الزُّبَيْر، فأتياه ليلاً وقالا له: مثلنا لا يبايع سراً بل على رؤوس الأشهاد، ثم رجعا، وخرجا من ليلتهما في بقية من رجب، فقدم الحُسَيْنُ مكَّةَ، وأقام بها، وخرج منها يوم التروية إلى الكُوفَةِ فبعث عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَاد لحربه عُمَرَ بنَ سَعْد بن أبي وَقَّاصٍ، وقيل: أرسل عَبْد الله ابن الحَارِثْ التَمِيْميَّ، أن جَعْجِع بالحُسَيْنِ، أي احبسه.
والجَعْجَاعُ المكان الضيق.
ثم أمر مَعْمَرَ بنَ سَعِيْدٍ في أربعة آلاف، ثم صار عُبَيْدُ اللهِ بنَ زِيَادٍ يَزِيدُ في العسكر إلى أن بلغوا اثنين وعشرين ألفاً، وأميرهم عُمَرُ بن سَعْد ابن أبي وَقَّاص، واتفقوا على قتله يوم عاشوراء، قيل: يوم الجمعة، وقيل: السبت، وقيل: الأحد، بموضع يقال له: الطَّفُّ، وقتل معه اثنان وثمانون رجلاً فيهم الحَارِثْ بن يَزِيد التَّمِيْميُّ، لأنه تاب آخراً، حين رأى منعهم له من الماء، وتضييقهم عليه، قيل: ووجد بالحسين رضي الله عنه ثلاث وثلاثون طعنةً، وأربع وثلاثون ضربةً، وقتل معه من الفاطميين سبعة عشر رجلاً.
وقال الحَسَنُ البَصْريُّ: أصيب مع الحُسَيْن ستة عشر رجلاً من أهل بيته، ما على وجه الأرض يومئذٍ لهم شبيه، وجاء بعض الفجرة برأسه إلى ابن زيادٍ وهو يقول:
أَوقِـــرْ ركـــابي فِضَّـــةً وذَهَبَــا *** إني قَتلتُ المَلِكَ المُحجَّبَا
قَتَلْتُ خَيـرَ النَّاس أُمًّـا وأَبَاً *** [وخيرهم إذْ يُنسبون نَسبا]
فغضب لذلك، وقال: إذا علمتَ أنه كذلك فلِمَ قتلتَه؟ والله لألحقنك به، وضرب عنقه، وقيل: إن يزيد هو الذي قتل القائل.
ولما تم قَتْلُه حُمِلَ رأسُه، وحَرَمُ بيته، وزين العابدين معهم إلى دمشق كالسبايا، قاتل الله فاعل ذلك وأخزاه، ومن أمر به، أو رضيه».



وقال في (ص283-285) في حوادث سنة 63هـ :
«كانت وقعة الحَرَّة، وذلك أن أهل المدينة خرجوا على يَزِيْدَ لِقِلَّةِ دِينه، فجهَّز لهم مُسْلِم بن عُقْبَة، فخرجوا له بظاهر المدينة بحرَّة واقِم فقتل من أولاد المهاجرين والأنصار ثلثمائة وستة أنفس. ومن الصحابة مَعْقُل بن سِنَانٍ الأشجعيُّ، وعَبْدُ اللهِ بن حَنْظَلَة الغَسِيْل الأنصاري، وعَبْدُ اللهِ بن زَيْد بن عَاصم المازني الذي حكى وضوء النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومحمَّد بن ثَابِت بن قَيْس بن شَمَّاس، ومحمَّد بن عَمْرو بن حَزم، ومحمَّد بن أبي جَهْم بن حُذَيْفة، ومحمد بن أُبيّ بن كَعْب، ومُعَاذ بن الحَارِث أبو حَلِيْمَةَ الأنصاري، الذي أقامه عُمَرُ يُصلي التراويح بالنَّاس، ووَاسِع بن حَبَّان الأنصاري، وَيَعْقُوبُ ولد طَلْحَةَ بنَ عُبَيْدِ الله التميمي، وكَثِيْرُ بنُ أفْلَحَ أَحَدُ كُتَّابِ المصَاحف التي أرسلها عُثْمَان، وأبوه أَفْلَح [بن كَثِيْر] مَوْلى أَبي أَيُوب، وذلك لثلاث بقين من ذي الحجة، وهُجر المسجد النبوي فلم يُصَلَّ فيه جماعةً أياماً، ولم تمتد حياة يَزِيْدَ بعد ذلك، ولا أميره مُسْلِمْ بن عُقْبَة، وفي ذلك يقول شاعر الأنصار:
فَإِنْ يَقْتُلُونَا يَوْمَ حَرَّةِ وَاقِمِ *** فَنَحْنُ على الإِسْلَامِ أَوَّلُ مَنْ قَتَلْ
وَنَحْنُ تَرَكْنَـاكُمْ بِبَـدرٍ أَذِلَّـةً *** وَأُبْنَا بِأَسْيَافٍ لَنَا مِنْكُـمُ نَفَـلْ».
الآلـــوســي
قال الآلوسي في (روح المعاني ج25 ص198-199 طبعة مؤسسة الرسالة) في تفسير الآية 23 من سورة محمد :
«وعلى هذا القول لا توقُّفَ في لعن يزيدَ لِكَثْرَةِ أوصافه الخبيثة وارتكابِهِ الكبائر في جميعِ أيام تكليفهِ، ويكفي ما فعله أيامَ استيلائه بأهل المدينةِ ومكةَ، فقد روى الطبراني بسند حسن: “اللَّهمَّ مَنْ ظَلَم أهلَ المدينة وأخافهم فأَخِفه، وعليه لعنةُ الله والملائكة والناسِ أجمعين، لا يُقبل منه صَرْفٌ ولا عَدْل” والطامَّةُ الكبرى ما فعله بأهل البيت ورضاهُ بقتل الحسين على جدِّه وعليه الصلاة والسلام، واستبشاره بذلك، وإهانته لأهل بيته مما تواتر معناه وإنْ كانَتْ تفاصيلُه آحاداً، وفي الحديث: “ستَّةٌ لعنتهم – وفي رواية لعنهم اللهُ وكلُّ نبيٍّ مُجاب الدعوة -: المُحرِّف لكتاب الله – وفي رواية: الزائدُ في كتاب الله – والمُكذِّب بقَدَر الله، والمُتسلِّط بالجبروت لِيُعزَّ مَنْ أذلَّ الله ويُذِلَّ من أعزَّ الله، [والمستحلُّ لحرم الله] والمُستحلُّ من عِتْرتي، والتارك لِسُنَّتي».
وقد جزم بكفره وصرَّح بلَعْنه جماعةٌ من العلماء منهم الحافظُ ناصرُ السنة ابن الجوزي، وسبقه القاضي أبو يعلى.
وقال العلامة التفتازاني: لا تتوقَّف في شأنه بل في إيمانه، لعنة الله تعالى عليه وعلى أنصاره وأعوانه. وممن صرَّح بلعنه الجلالُ السيوطي عليه الرحمة».
وقال في (ص200-201) :
«وأبو بكر بن العربي المالكي عليه من الله تعالى ما يستحقُّ أعظمَ الفِرْيةَ، فزعمَ أنَّ الحسينَ قُتل بسيف جدِّه صلى الله عليه وسلم، وله من الجَهَلةِ موافقون على ذلك (كَبُرَت كلمةٌ تخرجُ من أفواهِهِم إن يقولونَ إلَّا كَذِباً).
قال ابنُ الجوزي عليه الرحمة في كتابه “السر المصون”: من الاعتقادات العامة التي غَلبت على جماعة مُنتسبين إلى السنة أن يقولوا: إن يزيدَ كان على الصواب، وإنَّ الحسينَ رضي الله عنه أخطأ في الخروج عليه، ولو نظروا في السير لعلموا كيف عُقدت له البيعة وألزم الناس بها، ولقد فعل في ذلك كلَّ قبيح، ثم لو قدَّرنا صحة عَقْد البيعة فقد بَدَتْ منه بوادٍ كلُّها تُوجب فسخ العقد، ولا يميل إلى ذلك إلا كلُّ جاهل عاميِّ المذهب يظن أنه يُغِيظُ الرافضة.
هذا، ويعلم من جميع ما ذكره اختلاف الناس في أمره؛ فمنهم من يقول: هو مسلمٌ عاصٍ بما صدر منه مع العِتْرة الطاهرة، لكن لا يجوز لعنه، ومنهم من يقول: هو كذلك ويجوز لعنه، مع الكراهة أو بدونها، ومنهم من يقول: هو كافر ملعون، ومنهم من يقول: إنه لم يعصِ بذلك، ولا يجوز لعنه، وقائلُ هذا ينبغي أن يُنظَم في سلسلة أنصار يزيد.
وأنا أقول: الذي يغلبُ على ظني أن الخبيثَ لم يكن مُصدقاً برسالةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنَّ مجموعَ ما فعل مع أهلِ حَرَمِ نبيِّه عليه الصلاة والسلام وعِتْرته الطَّيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صَدَر منه من المَخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقةٍ من المصحف الشريف في قَذَر، ولا أظن أنَّ أمرَه كان خافياً على أَجِلَّة المسلمين إذ ذاك، ولكن كانوا مَغْلوبين مقهورين لم يَسَعهم إلا الصبر ليقضي اللهُ أمراً كان مفعولاً، ولو سُلِّم أن الخبيثَ كان مسلماً فهو مسلمٌ جمع من الكبائر ما لا يُحيط به نِطاق البيان، وأنا أذهبُ إلى جوازِ لَعْن مثله على التعيين، ولو لم يُتَصَوَّر أن يكون له مِثْلٌ من الفاسقين، والظاهرُ أنه لم يَتُبْ، واحتمالُ توبتهِ أضعفُ من إيمانه، ويلحقُ به ابنُ زياد وابن سعد وجماعةٌ، فلعنةُ الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشِيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دَمَعَتْ عينٌ على أبي عبد الله الحسين، ويُعجبني قولُ شاعرِ العصر ذو الفضل الجلي عبد الباقي أفندي العمري الموصلي وقد سُئل عن لَعْنِ يزيد اللعين:
يـزيـد على لـعـنـي عـريض جـنـابـه *** فـأغـدو به طـول الـمـدى ألـعـن الـلـعـنا
ومَنْ كان يخشى القال والقيل من التصريح بلعن ذلك الضلِّيل فليقل: لعنَ اللهُ عز وجل مَنْ رضي بقتل الحسين ومَنْ آذى عِتْرَة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بغيرِ حقٍّ ومَنْ غَصَبهم حَقَّهم، فإنه يكون لاعناً له لدخوله تحت العموم دخولاً أوَّليًّا في نفس الأمر، ولا يُخالِفُ أحدٌ في جواز اللعن بهذه الألفاظ ونحوها سوى ابن العربي المارِّ ذِكْرُه وموافقيه، فإنهم على ظاهرِ ما نُقل عنهم لا يُجوِّزون لعن من رضي بقتل الحسين رضي الله عنه، وذلك لعمري هو الضلالُ البعيد، الذي يكادُ يزيدُ على ضلال يزيد».
الـشــوكــانــي
قال في كتابه (نيل الأوطار ج13 ص469) :
«ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرَّامية ومَنْ وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السِّبْط – رضي الله عنه وأرضاه -، باغٍ على الخمِّير السكِّير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية. فيا لله العجب من مقالاتٍ تقشعر منها الجلودُ، ويتصدَّعُ من سماعها كلُّ جلمودٍ».